اعتمد عالم السيارات مصابيح الهالوجين كمعيار في منتصف الستينيات من القرن الماضي، مما شكّل تقدماً حقيقياً عن مصابيح الإضاءة التقليدية التي استخدمناها سابقاً. وكانت الحيلة تكمن في وضع خيط تنغستن داخل غاز الهالوجين، ما نتج عنه إنتاج ضوء بقدر يفوق بنحو النصف لكل واط يتم استهلاكه. بالإضافة إلى ذلك، عملت هذه المصابيح بشكل جيد مع الأنظمة القياسية البالغة 12 فولت في السيارات، ولم تكن مكلفة للغاية. لكن كانت هناك مشكلات أيضاً. فمعظم مصابيح الهالوجين كانت تحترق بعد نحو 500 ساعة فقط من وقت القيادة، كما أن معظم طاقتها تضيع على شكل حرارة، حيث تذهب نحو تسعة أعشار الطاقة هدراً بدلاً من استخدامها فعلياً في إضاءة الطريق أمام السيارة. وقد مهّدت هذه العيوب الطريق بالأساس لظهور مجموعة من تقنيات الإضاءة الجديدة التي ظهرت لاحقاً.
أدت التحسينات التي شهدها قطاع أشباه الموصلات على مدار التسعينيات إلى فتح الأبواب أمام استخدام مصابيح LED في السيارات، بدءًا من تلك المصابيح الصغيرة للإضاءة النهارية. وشهدت الأمور تقدمًا كبيرًا حوالي عام 2004 بعد أن تمكن بعض المهندسين الأذكياء من إيجاد طريقة للتعامل مع مشكلات الحرارة التي كانت تعيق انتشار المصابيح الأمامية الكاملة بالـLED. وكانت الفروقات بينها وبين المصابيح الهالوجينية التقليدية شاسعة. فهذه الأنظمة الجديدة من الـLED تستهلك طاقة أقل بنسبة تقارب خمسة أسداس، وتتمتع بعمر أطول بكثير، ربما يتجاوز 15,000 ساعة، أي ما يعادل نحو 17 عامًا إذا كان الشخص يقود ليلًا كل يوم. بالإضافة إلى ذلك، فإن حجمها الصغير جدًا سمح لمصممي السيارات بإنشاء مصابيح أمامية أكثر أناقة وتنظيمًا دون التضحية بالأداء، وهي سمة تناسب تمامًا الجماليات الحديثة في صناعة السيارات اليوم.
بدأت الأمور في التغير حقًا حوالي عام 2008 عندما ضغط الاتحاد الأوروبي من أجل استخدام مصابيح تعمل بكفاءة طاقوية خلال النهار في جميع السيارات الجديدة. وبحلول عام 2015، بدأنا نرى ظهور مصابيح LED في ما يقارب الثلث من جميع المركبات الجديدة حول العالم. كما أصبحت شركات تصنيع السيارات أكثر إبداعًا في تصميماتها الإضاءة، حيث استخدمت أنماط إضاءة فريدة كوسيلة للتميّز عن المنافسين. لكن التغيير الجذري الحقيقي حدث في عام 2018. فقد انخفضت تكاليف إنتاج مصابيح LED أخيرًا إلى ما دون تكلفة إنتاج الأنظمة الهالوجينية التقليدية. وأدى هذا الانخفاض في السعر إلى توقف معظم شركات السيارات عن استخدام التكنولوجيا القديمة في طرازاتها متوسطة السعر والاقتصادية بشكل شبه فوري.
الحقيقة هي أن المصابيح الأمامية LED تستهلك طاقة أقل بنسبة 75 في المئة تقريبًا مقارنة بتلك المصابيح الهالوجينية القديمة، ومع ذلك لا تزال تُضيء بنفس الدرجة أو حتى بشكل أفضل. ما السبب؟ حسنًا، المصابيح الهالوجينية تهدر معظم طاقتها على شكل حرارة بسبب الخيط الداخلي الموجود بها. أما الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (LED) فتعمل بشكل مختلف — فهي تحول حوالي 95% من الكهرباء مباشرة إلى ضوء فعلي بفضل أشباه الموصلات. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة للسائقين على الطريق؟ بالنسبة للسيارات التي تعمل بالبنزين، فإن ذلك يعني توفير ما يقارب 0.2 لتر من الوقود لكل 100 كيلومتر يتم قطعها. أما أصحاب المركبات الكهربائية فيجنون استفادة أكبر، حيث يحصلون على ما بين 7 إلى 12 ميل إضافي مع كل دورة شحن. إنها نتيجة مذهلة عندما نفكر في الفارق الكبير الذي يحدث على المدى الطويل.
بلا خيوط هشة، تكون المصابيح الأمامية LED مقاومة للغاية للهزة و التقلبات الحرارية وصدمات الطريق. وعادةً ما تدوم 30,000–50,000 ساعة ، تصل إلى 15 مرة أطول من المصابيح الهالوجين (500–1,000 ساعة). ويقلل هذا المتانة الممتدة من تكاليف الصيانة على المدى الطويل، ما يوفر على السائقين حوالي 240 دولارًا لكل مركبة على مدى عقد، وفقًا للبيانات من كبار المصنّعين.
تُصدر المصابيح الحديثة من نوع LED ما بين 3,000 و5,000 لومن من الضوء الأبيض الساطع عند درجة حرارة لونية تبلغ 5500K، وهي أفضل بكثير من المصابيح الهالوجين القديمة التي لا تتجاوز 1,500 لومن ولها ذلك اللون الأصفر المزعج. ولا يقتصر التحسن في السطوع على كونه مثيرًا للإعجاب نظريًا فحسب، بل عمليًا أيضًا. فالسائقون يحصلون فعليًا على 1.3 ثانية إضافية لرصد الأمور التي تحدث على جوانب الطريق عند السير بسرعة 60 ميلًا في الساعة. ووفقًا لاختبارات أجراها معهد السلامة الأوروبي Euro NCAP، فإن السيارات المزودة بمصابيح أمامية من نوع LED تشهد حوادث ليلية أقل بنسبة 18 بالمئة مقارنة بتلك التي لا تزال تستخدم أنظمة الإضاءة الهالوجينية. وهذا منطقي تمامًا، إذ أن القدرة على الرؤية بشكل أبعد تعطي الجميع وقتًا إضافيًا للتفاعل بشكل مناسب.
تستهلك مصفوفات الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (LED) مساحة صغيرة جدًا لدرجة أن مصممي السيارات يمكنهم أن يكونوا أكثر إبداعًا في أشياء مثل نظام BMW Laserlight وعناقيد إضاءة Audi Matrix HD. بدأت شركات السيارات بتركيب هذه الأضواء الذكية في أماكن كثيرة لم نتخيلها من قبل - على الشبكات، حول الحواف، بل حتى داخل قطع الزينة. شيء كان مستحيل التحقيق عندما كانت السيارات تعتمد على عاكسات الهالوجين الكبيرة التي تستهلك مساحة ثمينة تحت الغطاء. وماذا تعتقد؟ وفقًا لأحدث الأرقام من دراسة تجربة السيارات لعام 2024 من J.D. Power، فإن هذا النوع من المرونة في الإضاءة يجعل المستهلكين يفضلون هذه المركبات بنسبة 23% مقارنة بالطرازات التي لا تمتلك مثل هذه الميزات.
لعبت شركتا أوودي وتويا دورًا كبيرًا في انتشار المصابيح الليد في السيارات. ففي عام 2004، كانت أوودي أول من أدخل مصابيح الليد النهارية على سيارة إنتاجية، تحديدًا طراز A8 W12. وكان هذا تطورًا مهمًا جدًا في مجال إضاءة السيارات آنذاك. ثم جاء دور تويوتا في عام 2007 مع إدخالها مصابيح أمامية كهربائية بالكامل (LED) على سيارتها LS 600h الهجينة، وهو ما يتماشى مع الصورة البيئية التي تميز علامتها التجارية دائمًا. وقد انتشر ما بدأت به هاتان الشركتان بشكل واسع عبر القطاع. وبحلول عام 2010 تقريبًا، بدأت حتى العلامات الفاخرة الرائدة مثل بي إم دبليو ومرسيدس بإدراج مصابيح الليد في طرزها المتميزة، مما يدل على السرعة التي أصبحت بها هذه التكنولوجيا قياسية في السيارات الفاخرة.
تختلف طريقة اعتماد الناس للمصابيح الأمامية LED بشكل كبير حسب مكان إقامتهم. إن أوروبا متقدمة بالفعل في هذا المجال، حيث تأتي حوالي 62 بالمئة من السيارات الجديدة مزودة بمصابيح LED عام 2023. ويُعد ذلك أمراً منطقياً عند النظر إلى القواعد الصارمة المتعلقة بالسلامة والجهود المبذولة لتحسين كفاءة استهلاك الوقود عبر القارة. أما في أمريكا الشمالية، فإن الأمور لا تتحرك بنفس السرعة، وتتراوح النسبة هناك حول 42%. وجزء من السبب هو أن العديد من الأشخاص ما زالوا يفضلون سيارات الدفع الرباعي الكبيرة والشاحنات، التي لا تحتاج دائماً إلى تقنيات إضاءة متطورة. ومع ذلك، تصبح الأمور أكثر إثارة للاهتمام في آسيا. فقد شهدت منطقة المحيط الهادئ برمتها نمواً بلغ نحو 73% بين عامي 2020 و2023، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الإنتاج الضخم للمركبات الكهربائية في الصين خلال تلك الفترة. وإذا نظرنا إلى أنواع السيارات، فإن الطرازات الفاخرة تبرز بوضوح هنا. فحوالي 85% منها تأتي قياسياً مع مصابيح LED، بينما تُركَّب هذه المصابيح في المصنع فقط في نصف السيارات الاقتصادية تقريباً (أي 45%).
| فئة المركبة | معدل اعتماد مصابيح LED (2023) | الزيادة السعرية مقارنة بالمصابيح الهالوجين |
|---|---|---|
| فخامة | 85% | $1,200–$1,800 |
| متوسط المدى | 58% | $700–$1,000 |
| الاقتصاد | 45% | $300–$500 |
عادةً ما تبدأ شركات تصنيع السيارات بتطبيق تقنية الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (LED) أولاً في طرزها الفاخرة ذات الأسعار الأعلى قبل أن تجعلها متاحة على الإصدارات العادية. على سبيل المثال، بدأت شركة فورد بتركيب الصمامات الثنائية الباعثة للضوء في شاحنات F-150 بلاتينوم لعام 2015 من الطراز الرائد، ثم جعلتها تدريجياً متاحة في طرز XLT حوالي عام 2020. وقد نجح النهج نفسه مع شركة هيونداي التي بدأت بتقديم مصابيح أمامية من نوع LED في سيارة سوناتا هايبرد منذ عام 2017، وصولاً إلى جعلها معدّة قياسية في جميع مستويات الطرازات بحلول عام 2022. تمشي شركات صناعة السيارات هنا على حبل مشدود، حيث تحاول إنفاق المال على ميزات جديدة مع الحفاظ في الوقت نفسه على تقليل التكاليف بالنسبة للمشترين العاديين.
من المتوقع أن يصل سوق إضاءة المركبات باستخدام الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (LED) العالمي إلى 14.24 مليار دولار بحلول عام 2030 ، مدفوعاً بالأنظمة الذكية ودمج المستشعرات. وتشمل الاتجاهات الناشئة:
تساهم المعايير التنظيمية مثل اللائحة رقم 149 الصادرة عن الأمم المتحدة في تسريع الانتقال نحو الإضاءة التكيفية، مما يضمن أن تسير السلامة جنبًا إلى جنب مع التقدم التكنولوجي.
يُفرط الناس في القلق بشأن مصابيح LED الأمامية من حيث إمكانية التسبب في الوهج، لكن معظم الشكاوى تأتي في الواقع من تلك الموديلات القديمة من الجيل الأول حيث لم تكن الشركات المصنعة تعرف كيف تتحكم في حزم الضوء بشكل صحيح. أما في الوقت الحاضر، فإن المصابيح الحديثة تحتوي على جميع أنواع الميزات المتطورة مثل العدسات الدقيقة، والدرع المعدني الصغير الذي يحجب الوهج، وعُدسات خاصة مصممة للحفاظ على تركيز الضوء على الطريق بدلاً من ارتداده إلى عيون السائقين. وفقًا لدراسة حديثة أجريت في عام 2023 حول سلامة النقل، فإن المصابيح ذات الإضاءة الخلفية التي تم ضبطها بشكل صحيح تقلل من استخدام المصابيح العالية عن طريق الخطأ بنسبة تقارب النصف مقارنة بالمصابيح الهالوجين التقليدية. لذلك، وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص ما زالوا يعتقدون أن مصابيح LED شديدة السطوع، إلا أن الأرقام تشير إلى أنها تجعل الطرق أكثر أمانًا بمرور الوقت.
يُشدد المشرعون في جميع أنحاء العالم على معايير إضاءة المركبات. بدأت الاتحاد الأوروبي بفرض اشتراطات بأن تكون السيارات مزودة بتلك الأضواء الأمامية التكيفية المتطورة منذ عام 2023. تعمل هذه الأنظمة عن طريق تعتيم أجزاء معينة من الضوء عندما تستشعر وجود مركبات قادمة أثناء الليل. وفي أمريكا الشمالية، أجرى المعهد المؤسسي للتأمين على سلامة الطرق تغييرات كبيرة أيضًا. وتتطلب إرشادات اختبار المصابيح الأمامية الآن أن تغطي الأضواء المنخفضة مساحة طريق أكبر بنسبة 15٪ تقريبًا مقارنة بالسابق. وأظهر تحليل حديث للسوق أن نحو ثلاث سيارات من بين كل أربع سيارات جديدة تخرج من خطوط التجميع تحقق بالفعل هذه الأهداف الجديدة بفضل تقنية مصفوفة LED. ونرى اليوم طفرة في التطورات التقنية المبتكرة، لا سيما مع استخدام تقنية LiDAR لتوجيه شكل حزمة المصابيح الأمامية. ومن الواضح أنه مع استمرار تغير القواعد، يضطر صناع السيارات إلى ابتكار خيارات إضاءة أكثر سطوعًا وأمانًا، وتؤدي أداءً أفضل في مختلف الطرق والظروف، بدءًا من الشوارع الحضرية وحتى الطرق الريفية.